الماء هو أصل الحياة الإنسانية وسرّ ديمومتها مصداقاً لقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، وتأكيداً على الفضل العظيم للماء في حياة الإنسان فقد صحّ عن سيّدنا المصطفى، صلى الله عليه وسلّم، أنه قال: «أفضل الصدقة سقي الماء»، وروى أبو داود في السنن عن رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، أنّه قال: «من سقى مسلماً على ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم»، وما زال المسلمون على مرّ العصور يتقربّون إلى الله تعالى بتوفير الماء لكل محتاج إدراكاً منهم لفضيلة هذه القُربة، وطلباً للثواب من الكريم الوهّاب، وعلى خُطى هؤلاء الراغبين في فعل الخير ونيل الثواب كان لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الحظّ الوافر في هذا الباب الكبير من أبواب الخير حين أعلن في شهر يونيو عام 2014 عن إنشاء مؤسسة «سُقيا الإمارات» لتكون واحدة من المؤسّسات الرائدة الفاعلة تحت مظلّة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» على أن تكون مؤسسة غير ربحية هدفها توفير الماء النقيّ لـ 5 ملايين شخص حول العالم، ولم يخيّب أبناء الإمارات ظنّ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، فهبّوا بكلّ طيب نفس وقدّموا ما هو فوق المطلوب حين تبرّعوا بمئة وثمانين مليون درهم كانت كفيلة بتحقيق مشاريع المؤسسة لتوفير المياه العذبة لـ 7 ملايين شخص، وكان ذلك تعبيراً عمليّاً عن رسوخ فعل الخير في وجدان هذا الشعب النبيل، مما دفع بالمؤسسة نحو تقديم المزيد من الخدمات من خلال إيجاد الحلول المناسبة لمشكلة ندرة المياه وتلوّثها، وتوفير حلول تقنية مستدامة من خلال إنشاء محطات تنقية المياه، لا سيّما في المناطق التي تُعاني من مشكلة تلوّث مياه الشرب، وتعزيزاً لهذا الدور الحيويّ لهذه المؤسّسة تم تخصيص جائزة سنويّة بقيمة مليون دولار أمريكي تحمل اسم «جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه» من أجل تنمية المهارات البحثيّة، ودفع روح الابتكار بين العاملين في هذه المؤسسة الرائدة من أجل الوصول إلى المزيد من الحلول التي تعالج ندرة المياه وتلوث الموجود منها.
وتأكيداً على الدور الرياديّ لهذه المؤسسة الطيبة، قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بتكريم الفائزين بجائزة محمّد بن راشد العالمية للمياه، وتنويهاً بهذه الجهود المباركة الميمونة نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تغريدة ثمينة على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي تثمّن هذا الإنجاز الكبير، وتدفع بالمؤسّسة نحو مزيدٍ من الابتكار والإبداع.
«كرّمنا الفائزين بجائزة محمد بن راشد العالمية للمياه، والتي تُشرف عليها مؤسسة سُقيا الإمارات»، بهذه الحفاوة القلبية أعلن صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد هذا الخبر السعيد الذي يتضمّن تكريم نخبة من الفائزين بهذه الجائزة المرموقة، والتي هي في جوهرها إنسانيّة الطابع، وتعبيرٌ عن عُمق الشعور بالمسؤولية الإنسانية تجاه الفئات المحرومة في هذه الحياة، ولا سيّما فيما يتعلق بالمياه التي أخبرنا رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه أنّ الناس شركاءُ في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار، لتكون مبادرة صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد تجسيداً عمليّاً لهذه القيمة الأخلاقية النابعة من صميم ديننا الحنيف الذي أوصى بالإنسان حتى لو كان مختلفاً عنك في الدين فقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}، ترسيخاً لقيمة التسامح وإشاعة ثقافة السلام بين جميع بني البشر.
«هدفنا من إطلاق هذه الجائزة هو تحفيزُ وتشجيعُ الابتكارات للتصدّي لمشكلة نقص المياه وندرتها وتلوّثها في المجتمعات الأقل حظّاً»، في هذا الجزء من هذه التغريدة الكريمة يكشف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن أنّ الهدف الإنساني الكبير من إطلاق هذه المؤسسة هو تحفيز الروح البحثية لتقديم الحلول العلمية لمشكلة المياه المتفاقمة على مستوى العالم، ولا سيّما في المجتمعات الفقيرة، حيث تعاني من ندرة المياه في المقام الأوّل، ومن تلوّثها، ما يجعل الحصول على الكمية الكافية من المياه أمراً في غاية الصعوبة، فجاءت هذه المبادرة الكريمة من لدن صاحب السمو لتُسهم في تقديم الحلول التي تلبّي حاجات بعض المجتمعات التي تحتاج إلى هذا النوع الخاص من الاهتمام والمساعدة.
«واليوم في الدورة الرابعة لدينا 12 ابتكاراً حقيقيّاً يساعد على الحصول على مياه آمنة ونظيفة بتكاليف قليلة، نهنّئ الفائزين، وندعو جميع المؤسّسات المعنيّة بهذا القطاع للاستفادة من ابتكاراتهم».
ويواصل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الإفصاح عن مشاعر البهجة التي تغمر قلبه النبيل حين يعلن عن وجود اثني عشر ابتكاراً ذات قيمة عمليّة تساعد في تحقيق أهداف المؤسسة من حيث توفير المياه الآمنة والنظيفة وضمن التكلفة القليلة مما يشجّع المسيرة العلمية والعملية لهذه المؤسسة الرائدة، مقدّماً التهنئة للفائزين، وداعياً المؤسّسات المعنيّة للاستفادة من هذه الابتكارات المتميزة التي تقوم بها الكفاءات العلميّة في هذه المؤسسة الرائدة.
«ونهنّئ أيضاً فريق سُقيا الإمارات ضمن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية لنجاحهم في تنظيم هذه الجائزة، ونجاحهم في تنفيذ أكثر من 1000 مشروع مياه مستدام في 37 دولة حول العالم يستفيد منها 15 مليون شخص».
ولم ينسَ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد المؤسّسة الأم التي تنهض بهذه الأعباء وهي مؤسسة سُقيا الإمارات المنضوية تحت مظلّة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية وذلك لما تقدّمه من جهود مشكورة في هذا المجال، حيث كانت هي المسؤولة عن تنظيم هذه الجائزة، فضلاً عن تنفيذها لأكثر من 1000 مشروع مياه مستدام في 37 دولة يستفيد منها أكثر من خمسة عشر مليون شخص، مما يعني أنّ عدد المستفيدين يتضاعف كلّما تقدّمت المسيرة المباركة لهذه المؤسسة المتميزة.
«أفضل الصدقة سُقيا الماء، وخير الناس أنفعهم للناس، والابتكار في توفير الماء صدقةٌ جارية وخيرٌ دائم غير منقطع»، ثمّ كانت هذه الخاتمة الرائعة لهذه التغريدة الثمينة، حيث يؤكّدُ صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد على الجذر الديني والأخلاقيّ العميق لهذه المؤسسة حين يستلهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الأحاديث النبوية الشريفة التي تحثّ على نفع الناس، وبذل الجهد في سبيل توفير الماء للأكباد الظامئة، وأنّ الجهود العلمية المبذولة في هذا السياق لابتكار الحلول هي في جوهرها العميق صدقةٌ جارية وسبيلٌ من سُبُل الخير والنفع.